الجوع يجبر أهالي غزة على تناول أعلاف الحيوانات

"لا نعرف ماذا نأكل، رطل الدقيق وصل سعره من 50 إلى 60 شيكل ولا ندري من أين سنحضر كل هذه الأموال لنشتري الطعام لأطفالنا" || "اشتريت رطلا من دقيق القمح، وهذا مصنوع من قمح رديء للغاية مخصص أصلا علفا للحيوانات".

الجوع يجبر أهالي غزة على تناول أعلاف الحيوانات

مصابون في أحد مشافي القطاع (توضيحية - Getty Images)

لم يتخيّل الفلسطينيون في قطاع غزة، أن يمرّ عليهم يوم لا يجدون فيه ما يأكلونه، حتى أنهم باتوا يطحنون أعلاف الحيوانات لصنع الدقيق منه وإطعام أطفالهم الجياع.

يأتي ذلك فيما تفرض إسرائيل حصارا خانقا على مدينة غزة وشمال القطاع، وتمنع وصول أي مساعدات غذائية إلى سكان هذه المناطق، ما أدى لنفاد كل ما يملكونه من طعام ومياه صالحة للشرب. وأكّد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الإثنين، "نفاد كميات الطحين ومشتقاته والأرز والمعلبات في شمال قطاع غزة، وهو ما ينذر ببدء وقوع مجاعة".

ومنذ أسابيع خلت الأسواق في مدينة غزة وشمال القطاع من دقيق القمح ليتجه المواطنون إلى طحن حبوب الذرة والشعير المخصصة لصناعة أعلاف الحيوانات.

ومنذ بدء حربها المدمرة على القطاع منذ نحو 4 أشهر، قطعت إسرائيل إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن قطاع غزة، وتركت نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون أوضاعا إنسانية كارثية.

"لا نجد لقمة للأطفال"

وفي سوق مخيم جباليا شمال القطاع كانت آمال شعبان تبحث عن دقيق القمح الأبيض لتطعم أطفالها الخمسة، لكنها لم تعثر على ضالتها لتقرر شراء القمح الكامل المطحون.

وتقول شعبان: "لم أجد الدقيق الأبيض فاشتريت رطلا (3 كيلو) من دقيق القمح، وهذا مصنوع من قمح رديء للغاية مخصص أصلا علفا للحيوانات".

وتضيف: "الخبز الذي نصنعه من هذا الدقيق طعمه سيء للغاية، ولا يتقبله الأطفال بأي شكل، لكن لم أجد غيره فاشتريته. سأحاول إقناعهم بالأكل منهم".

(Getty Images)

وتتابع: "أطالب من كل الدول العربية والاتحاد الأوروبي أن يساعدونا للتخلص من هذه المعاناة، لا نجد لقمة واحدة للأطفال الصغار، ويجب أن تقف هذه الدول مع الأطفال".

"نأكل الأرز منذ أيام طويلة، والآن سعر الأرز ارتفع 3 أضعاف ولم نعد قادرين على شرائه، ودقيق القمح مفقود ودقيق الذرة والشعير مرتفع الثمن بشكل كبير وطعمه سيء"، تكمل السيدة الفلسطينية.

والمرأة آمال مجبرة على شراء 3 كيلو جرام من الدقيق يوميا بسعر 50 شيكل (نحو 14 دولار)، وتشير إلى أنها حاليا دفعت آخر ما تملكه، وبالتالي لن تستطيع غدا شراء أي كمية إضافية من الدقيق.

وتقول: "احنا تعبنا من المعاناة، نحتاح من الدول أن تقف معنا وقفة قوية، فقد دمرت بيوتنا ومات أولادنا وإخوتنا وأهلنا".

وتضيف: "الناس جاعت وبدأت تبيع أثاث منازلها حتى تستطيع شراء الطعام للأطفال.

"نعيش مأساة على جميع الأصعدة"

أما الكهل عبد الرحيم الجربي، فكان هو الآخر يبحث عن طعام بسوق مخيم جباليا، وذلك بعد أن نفدت كل كميات الدقيق لديه.

يقول الجربي: "لم نعد نفهم شيء، نتجول طوال الليل والنهار بحثا عن دقيق يكفينا ليوم واحد فقط، ولا نجد".

"لا نعرف ماذا نأكل، رطل الدقيق وصل سعره من 50 إلى 60 شيكل (13 إلى 15 دولار) ولا ندري من أين سنحضر كل هذه الأموال لنشتري الطعام لأطفالنا"، يكمل الرجل.

(Getty Images)

ويعيش الرجل "مأساة على جميع الأصعدة، فلا طعام ولا نوم جيد بسبب استمرار القصف الإسرائيلي، ولا مياه صالحة للشرب"، كما يقول.

وتأكل أسرة الجربي المكونة من 7 أفراد، ما تنجح في الحصول عليه من خبز يوميا مع الشاي فقط.

"نريد دقيقا ومياها مثل البشر"

بائع البرتقال خالد عبد النبي، هو الآخر يواجه المشكلة ذاتها، فقد بدأ يجمع طعام الحيوانات ليأكله ويطعم أفراد أسرته.

يقول عبد النبي: "هذه ليست حياة، أنا أحصل على 20 شيكل يوميا (نحو 7 دولارات) وهذا المبلغ لا يكفي لشراء نصف رطل (1.5 كيلو من الدقيق)، الوضع صعب بدنا (نريد) دقيق وطعام ومياه مثل البشر".

ويضيف: "لدي طفل وطفلة مش قادر (لا أستطيع أن) أطعمهم. حياتنا سيئة للغاية، نريد أن نعيش حياة كريمة".

(Getty Images)

الفلسطيني محمد حمادة صاحب مطحنة للحبوب بمخيم جباليا، يؤكد نفاد الدقيق الأبيض من الأسواق بشكل كامل.

ويقول حمادة: "الموجود في السوق حاليا دقيق الذرة فقط".

ويشير إلى أنهم كانوا يطحنون الأرز، ولكن بسبب ارتفاع أسعاره توقفوا عن ذلك وبدأوا بصنع الدقيق من الذرة وحبوب الشعير المخصص لأعلاف الحيوانات.

وفي 13 كانون الثاني/ يناير الجاري، قال المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، إن "الموت يهدد نحو 800 ألف نسمة في محافظتي غزة والشمال بسبب استمرار سياسة التجويع والتعطيش التي ينتهجها الجيش الإسرائيلي بحقهم".

وذكر المكتب في بيان أن المحافظتين "بحاجة إلى ألف و300 شاحنة غذاء يوميا للخروج من حالة الجوع، بواقع 600 شاحنة للشمال و700 لغزة".

(Getty Images)

وحذّر المكتب الإعلامي من مساعي الجيش الإسرائيلي "المتعمدة والمقصودة لإيقاع مجاعة حقيقية في غزة والشمال".

وتواصل إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إغلاق المعابر الواصلة بين غزة والعالم الخارجي، بينما يتم فتح معبر رفح جزئيا لدخول مساعدات محدودة وخروج عشرات المرضى والمصابين وعدد من حاملي الجوازات الأجنبية.

ويتواصل دخول الشاحنات بشكل شحيح إلى مناطق جنوب قطاع غزة، باستثناء محافظتي غزة والشمال.

التعليقات